• Fawzi Hanna posted an update منذ 10 أشهر

    لنصنع الانسان على صورتنا ومثالنا
    عندما نقرأ سفر التكوين الأصحاح الاول لا نقرأ بأن لله له خطة أو نية لا نجد كلمة سوف اعمل الارض والسماء بل الكتاب يؤكد بان الله قال لنصنع السماء والارض ، فما يعمله الله لا يقول شيئاً عن نيته، فقال الله مثلا ليكن النور فكان النور لتكن سماء فكانت سماء ، لكن عندما جاء لخلق الانسان هنلك شيء في نية الله ” قال الله لنصنع الانسان على صورتنا ومثالنا” إذ قبل خلق الانسان هناك تعبير عن هدف الله أو نستطيع القول الله يتشاور مع نفسه.
    قبل أن يأتي الانسان للوجود الله يفكر فيه ، يعرفه ، أي إن وجود الانسان أي جذوره بأن الله يعرفه . فالآنسان هو في فكر الله .
    الانسان هو صورة الله :
    صورة (ܨܠܡܐ، صلما) تستعمل في الكتاب المقدس بمعنى صورة تمثال أو صنم ما عدا في هذا المكان بمعنى (صورة ، ܨܠܡܐ) أي على “مثالنا” شبه لنا وتعني في الارامية (ܕܡܘܬܐ ، شبها أو مثال) نرى في (أش 46: 5)” بِمَنْ تُشَبِّهونَني وتُعادِلونَني؟ وبمَنْ تُمَثِّلونَني فنَتَشابَهَ؟ ” وايضا (مز 89: 7) ” أو يُشبِهُ الرّبَّ بَينَ أبناءِ الآلِهةِ؟”
    فالله هو إلهي والأنسان إنساني ، والانسان على صورة الله ومثاله أي إن الانسان يشبه الله ، الله لا مثيل له في كل الكون ، بالنسبة لله كل شيء آخر كأنه لا شيء ، فعندما نتحدث عن الأنسان هو على صورة الله ومثاله هو كلام تخميني ، يستر أكثر مما يكشف.
    ما الذي فينا حتى نشبه الله؟ هذا القول كمن يريد ان يقول إن الانسان هو انسان ليس بما هو مشترك مع الارض والكائنات بل ما فيه مشترك مع الله،أي الأنسان في عمقه هو شريك الله. فالنقرأ مرة أخرى الاصحاح الاول من سفر التكوين ، الله يخلق الكون والكائنات (نور ، نهار ، ليل، ويفصل بين مياه ومياه ، بين ماء واليابسة كائنات مختلفة يوم بعد يوم ) نرى أعتناء الله واهتمامه والتزامه بما يعمله، وبعد خلق الحيوانات والنباتات وكل شيء حينئذ يقول مع نفسه لنصنع الانسان على صورتنا ومثالنا.
    فما هو المشترك بين الأنسان والله ، المهمّة : هَمّ ، يهمُّ ، إذ أن الله يهم العالم ، والانسان يهم العالم. مهمة الله ، مهمة الانسان.
    صورة الله ومثاله: لا تقوم صورة الله في ميزة خاصة في الانسان(كالعقل ، اللسان، اللغة، النفس ، الروح ، الخلود …الخ) لكن الانسان كله نفسا وروحا وجسدا ، الانسان الحكيم أو الغبي القديس أو الخاطيء ، في الفرح أو الحزن ، في نجاحه وفشله في بره وكفره هو صورة الله وهذه الصورة ليست في الانسان وإنما صورة الله هي الانسان . نجد في (سفر الاحبار 19 :18 ) “أحبَ قريبَكَ مِثلما تُحِبُّ نفْسَكَ. أنا الرّبُّ” هذه دعوة موجهة للأنسان كي يحب قريبه ، ومن هو قريبي ؟ دعوة ليس محبة الانسان الفاضل بل أيضا الخبيث والعدو حتى الغبي فالحب هو لحامل صورة الله والحب لكل ما يحبه الله ، يسوع يروي قصة السامري الصالح (لو 10: 25-37) ويسأل هذا الكاتب أو الفريسي من صار قريبا للذي وقع بين أيدي اللصوص ؟ قال الذي ترحم عليه فقا له أذهب انت وأصنع هكذا. فالقريب هو ذلك الذي يهتم به .
    فعبارة (صلم آلوهيم) صورة الله: نادرة جدا في الكتاب المقدس (تك 9: 6) ” مَنْ سَفَكَ دَمَ الإنسانِ يَسفُكُ الإنسانُ دَمَهُ. فعلى صُورةِ اللهِ صَنَعَ اللهُ الإنسانَ” من هنا نرى ان صورة الله ليس فقط النفس والروح بل كل الانسان بما فيه الجسد.