كيف أتأكد أنى خلصت؟ وكيف يصير عندي يقين في داخلي أنى خلصت؟
أو كيف يصير في قلبي الآن ضمان أنني سأخلص عندما يأتي المسيح ثانية للدينونة والمكافأة أو عندما أموت وتنتهي حياتي على الأرض؟
هذا سؤال صعب لكنه هام جداً لذلك سوف نتدرج إجابته في هذا الكتاب.
أولا وقبل كل شيء دعني أخبرك ببعض النقاط الهامة وأرجو قراءتها بتأمل لأني أعتبرها مفتاح فهم ما في هذا الكتاب:
- لقد قال الرب يسوع لذكا العشار "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لوقا9:19).
- وقد قال الرب يسوع أيضا للص الذي كان مصلوبا علي الصليب معه: "اليوم تكون معي في الفردوس" (لوقا43:23)
- وقد قال الرسول بولس: "إني عالم بمن آمنت وموقن (أكثر من متأكد) أنه قادر أن يحفظ وديعتي إلي ذلك اليوم" ( 2تيموثاوس12:2). والذي أبتدأ فيكم عملا صالحا يكمل إلي يوم يسوع المسيح (أي مجيئه الثاني) (فيلبي6:1).
- ويقول الرسول يوحنا: "أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله، ولم يظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم إنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يوحنا2:3)، "وإن كنا أولاد فنحن ورثه ورثة الله ووارثون مع المسيح" (روميه17:8).
والسؤال هنا .. ألم نري من هذه الأقوال كلام يؤكد أنه يمكن للقلب أن يمتلئ بيقين داخلي وسلام بعد الإحساس بالذنب لا يأتي إلا بعمل الروح القدس!
كيف أتأكد أنى خلصت؟
إن الله يطالبنا أن نكون شهود عن عمل نعمته لقد قال "أنتم شهودي" (إشعياء10:43)، وعلينا أن نشهد عن عمل الله في حياتنا. فمثلا لا يقدر أحد أن يشهد شهادة حية عن المسيح الشافي إلا من نال معجزة شفاء في حياته، هكذا لا نقدر أن نشهد عن خلاص المسيح لحياة الآخرين إن لم نكن نحن قد نلنا نعمة الخلاص وصار في القلب يقين وتأكد كامل. إن الخلاص هو نعمة وعطية مجانية فهكذا يقول الكتاب المقدس "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله" (افسس8:2).
ويطرأ لنا سؤال هام ألا وهو: هل يمكن أن ينال الإنسان الخلاص في لحظة ما في حياته على الأرض؟
وللإجابة على هذا السؤال دعونا نتأمل في قصة من الكتاب المقدس: لقد تقابل الرب يسوع مع ذكا العشار بعد أن عاش ذلك الرجل سنوات طويلة من عمره في حياة جمع المال وظلم الآخرين إذا كان رئيساً للعشارين (جامع ضرائب). وفي يوم من الأيام طلب ذكا أن يرى يسوع. وإذ كان قصير القامة والجمع يزحم الرب يسوع فصعد على شجرة جميز كي ما يري الرب يسوع. فرآه يسوع وقال له أسرع وأنزل يا ذكا اليوم ينبغي أن أمكث في بيتك ففرح ذكا جداً، وعندما دخل الرب يسوع في بيته أخرج ذكا كل ماله وقال للرب يسوع "نصف أموالي للفقراء والمساكين وإن كنت قد وشيت (ظلمت) أرد له أربعة أضعاف". فقال الرب يسوع له خبر سار "اليوم حصل خلاص لهذا البيت" (لوقا8:19 ، 9).
من هذا القصة نرى أن الرب يسوع يعلن لنا حقيقة وهي: أنه يمكن للإنسان أن ينال في لحظة معينة نعمة الخلاص المجاني ولكن لابد أن يكون هناك علامات تؤكد خلاص الإنسان – ففي حالة ذكا مثلاً ظهر شيئين قد تغيرا في حياته في لحظة واحدة:
أولاً: محبة المال قد انتهت من حياته وحل محلها محبة الفقراء.
ثانياً: ظلم الناس قد انتهى من قلبه وأراد أن يعوض الذين ظلمهم أربعة أضعاف.
والسؤال الثاني الهام الذي نحتاج توضيح له هو: هل يمكن أن يتأكد الإنسان أنه حصل على الخلاص؟
وهنا أيضاً سوف نتأمل في قصة حدثت في الكتاب المقدس: قصة الرسول بولس بعد أن تقابل معه الرب يسوع وكما نعلم إن اسمه كان شاول الطرسوسي قد تغيرت حياته وتغير قلبه تماماً بعد أن كان يضطهد المسيح والمسيحيين صار يحب المسيح ويكرز (يبشر) به ويحتمل لأجله الاضطهاد حتى الموت هذا هو تغيير المسيح لحياة الإنسان والذي يسميه الكتاب المقدس "الحصول على نعمة الخلاص". وبعد هذا الاختبار نجد الرسول بولس يقول بيقين: "لأنني عالم بمن آمنت وموقن (أكثر من متأكد) أنه (المسيح) قادر أن يحفظ وديعتي إلى ذلك اليوم (2تيموثاوس12:1). كما نرى الرسول يوحنا أيضاً كان يمتلئ باليقين والتأكد من خلاصه وخلاص من يكتب لهم رسالته الأولى إذ تسمعه يقول "انظروا أية محبة أعطانا الآب حتى ندعى أولاد الله من أجل هذا لا يعرفنا العالم لأنه لا يعرفه أيها الأحباء الآن نحن أولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون. ولكن نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو" (1يوحنا1:3، 2).
فنلاحظ في هذه الكلمات، أنه يتحدث عن نفسه مع كل المؤمنين، ويتحدث بلغة اليقين والتأكد ".. ندعى أولاد الله .. الآن نحن أولاد الله .. نعلم أنه إذا أظهر نكون مثله لأننا سنراه كما هو".
وأحلى الكلمات التي تأتي بطمأنينة وأمان ويقين هي أقوال الرب يسوع، دعونا نسمعه معاً يقول:
"خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني وأنا أعطيها حياة أبدية ولن تهلك إلى الأبد ولا يخطفها أحد من يدي. أبي الذي أعطاني إياها هو أعظم من الكل ولا يقدر أحد أن يخطف من يد أبي" (يوحنا27:10-29).
ولكي ما نفهم ما سبق فهماً جيداً لابد من فهم السؤال التالي:
على أي أساس يخلصنا الله؟
أولاً: على أساس نعمة الله والإيمان:
سأل سجان مدينة فيلبي بولس وسيلا هذا السؤال: "ماذا أفعل لكي أخلص؟" فقالا له "آمن بالرب يسوع فتخلص أنت وأهل بيتك" (أعمال25:16-31).
إن إجابة هذا السؤال واضحة في كلمة واحدة .. آمن بالرب يسوع فتخلص.." ويقول الكتاب في (رومية9:10 ،10) "إن اعترفت بفمك بالرب يسوع وآمنت بقلبك أن الله أقامه من الأموات خلصت. لآن القلب يؤمن به للبر (لأجل أعمال صالحة)، والفم يعترف به للخلاص (إنقاذ من سلطان الخطية، وعقاب الجحيم). وهكذا نجد أيضاً قول الرسول بولس "بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان وذلك ليس منكم هو عطية الله (هبة مجانية) لا من أعمال كي لا يفتخر أحد لأننا نحن عمله مخلوقين في المسيح يسوع لأعمال صالحة قد سبق الله فأعدها لكي نسلك فيها" (أفسس8:2-10).
ثانياً: على أساس أن المسيح أفسد حكم الموت الذي كان ضداً لنا:
"وإذ كنتم أمواتاً في الخطايا وغلف جسدكم أحياكم معه مسامحاً لكم بجميع الخطايا إذ محا الصك (فاتورة بالدين)الذي علينا في الفرائض الذي كان ضداً لنا وقد رفعه من الوسط مسمراً إياه بالصليب" (كولوسي14:2).
هذا العدد يظهر لنا مشهد محكمة عدل الله، والتي تقف ضد الإنسان الخاطئ المتهم بالخطايا. ولكن قد تجسد المسيح على أرضنا وحمل ديوننا وكل الأدلة التي تديننا والتي ضدنا وأخذها جميعها وسمرها على الصليب عند مكان يدعى الجلجثة في أورشليم، ومحاها تماماً من الوجود، وأنهى حتى ذِكْرَها.
"لقد فتح لنا عهداً جديداً بدمه وصليبه، وأعطى لنا قرار من محكمة العدل الإلهي بالبراءة الكاملة وأخذنا حكم البراءة وتصريح بالدخول إلى الحياة الأبدية. وهكذا صار التصريح الإلهي "لا شئ من الدينونة (العقوبة) الآن على الذين هم في المسيح يسوع". (روميه1:8). لقد ختم هذا القرار بقوله "ولن أذكر خطاياهم وتعدياتهم في ما بعد" (عبرانين17:10؛ إشعياء22:44 ؛ 25:43 ؛ ميخا18:7-20).
على أساس قبولنا لعمل المسيح على الصليب:
إن الرب يسوع أشترى لنا الخلاص من الخطية وعقابها عند مكان يدعى الجلجثة في أورشليم حيث هناك دفع ثمن هذا الخلاص كاملاً. وهذا الخلاص يقدمه الرب يسوع بعد قيامته هدية مجانية لمن يقبله. فإن كان شخص ما قد اشترى لك هدية ودفع ثمنها، فليس عليك أن تدفع ثمنها مرة أخرى بل أن تقبلها بالشكر وتتمتع بها، وتحافظ عليها وخصوصاً إن كانت هدية قيِّمَة (غالية) ومن شخص غالي.
دعونا نعرف أن الشيطان كان ومازال رئيس هذا العالم (يوحنا30:14). وهو رئيس سلطان الهواء الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية (أفسس2:2)، وهو إله هذا الدهر الذي أعمى أذهان غير المؤمنين" (2كورنثوس4:4). فهو له سلطان روحي على أذهان وأفكار وقرارات وتصرفات بني البشر– هذا واضح من كلمة الله. لذلك جاء لنا المسيح– له المجد – تجسد على أرضنا لكي ما يهدم أعمال الشيطان في حياة البشر جميعاً لذلك نجد الرسول يوحنا يقول "لأجل هذا أُظْهِر ابن الله لكي ينقض (يهدم) أعمال إبليس" (1يوحنا8:3) إن غرض مجيء المسيح إلى أرضنا نراه في القول: "الذي أنقذنا من سلطان الظلمة ونقلنا إلى ملكوت إبن محبته الذي لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا" (كولوسي13:1، 14). جاء الرب يسوع ليزيل عنَّا سلطان الظلمة الذي يفسد حياتنا هنا ويفسد حياتنا الأبدية.
العلاج:
أولاً: قبول عمل المسيح لأجلك.
ثانياً: إدراك فداء المسيح لأجلك:
يقول الرسول يوحنا "أما كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنين باسمه" (يوحنا12:1)، ونسمع الرب يسوع يقول: "من يقبل إلى لا أخرجه خارجاً … لأن إبن الإنسان قد جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك" (يوحنا37:6 ؛ لوقا10:19).
علامات تؤكد عدم نوالك للخلاص
1. إن كنت مازلت تتمنى أو ترجو أن تخلص عندما تتقابل مع المسيح فأنت لم تنال غفران خطاياك وقوة نعمة خلاص المسيح للحياة الأبدية.
2. إن كنت لا تشعر بسلام في قلبك وثقة بيقين في أعماقك إنك ذاهب للسماء في أي وقت ستموت فيه أو في أي لحظة يأتي فيها المسيح مرة ثانية فأنت مازلت تحتاج أن تصلي صلاة الخطاة لتقبل نعمة الله المخلصة بالإيمان.
3. إن كنت تمتلئ بالخوف من الموت والجحيم ولا تقدر أن تقول في قلبك قول الرسول بولس "لي اشتهاء أن أنطلق وأكون مع المسيح ذاك أفضل جداً" (فيلبي23:1). فأنت مازلت لم تقبل نعمة الفداء التي قدمها الرب على الصيب.
4. إن كنت لا تحب الشركة مع الله ، من خلال كلمة الله، ومحبة الآخرين وعبادة الرب في بيته والصلاة اليومية لله فأنت لم تحصل على الخلاص.
5. إن كانت عاداتك القديمة وخطاياك لم تتغير، أو ربما لا تشعر بالذنب من نحوها، فأنت لم تحصل على اختبار الخلاص من الله.
علامات تؤكد نوالك للخلاص
الشهادة الداخلية:
إن أول ما ستشعر به لحظة قبولك للرب كمخلص لك ولحظة صلاتك معترفاً بخطاياك وقبولك لعمل المسيح على الصليب، أن هناك شهادة داخلية في أعماقك تماماً هكذا كما قال الرسول يوحنا: "من يؤمن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه.. كتبت هذا إليكم أنتم المؤمنين باسم الله لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية ولكي تؤمنوا باسم ابن الله" (1يوحنا10:5-13).
هنا يؤكد الرسول يوحنا أنه سيكون عندك شهادة في نفسك (أي يقين وتأكيد أن لك حياة أبدية)، وأيضاً يقول "لكي تعلموا أن لكم حياة أبدية" فهو يؤكد لهم أن لهم الحياة الأبدية ولم يقل أنه سيكون لكم الحياة الأبدية.
أيضاً يقول الرسول بولس: "لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم ابناء الله. إذاً لم تأخذوا روح العبودية للخوف بل أخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا أبا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله" (روميه 14:8-16).
إن الروح القدس الذي يسكن في المؤمن، لحظة قبوله للرب يسوع المسيح كمخلص، يشهد فيه بيقين وتأكيد الخلاص فهو روح التبني الذي يجعلك تشعر أنك إبن لله وليس عبد، وتستطيع أن تدخل للآب السماوي بسلام وتدعوه أبوك. إنها شهادة داخلية تحل فيك وتعطيك سلام وهدوء وضمان لا يخبرك أحد به من الخارج بل روح الله القدوس. وأيضاً ستشعر بشيء آخر وهو ضمان لميراث الحياة الأبدية لذلك يقول الرسول بعد ذلك " فإن كنا أولاد فإننا ورثة الله ووارثون مع المسيح.." (روميه17:8).
الشهادة الخارجية:
نعم إن إيمان بدون أعمال تظهره للعالم فهو إيمان عقلي لا يخلص، لذلك لابد من شهادة خارجية ممن حولك فيقول الكتاب المقدس: "بهذا أولاد الله ظاهرون وأولاد إبليس" (1يوحنا10:3). وهذه الشهادة الداخلية ستظهر عن طريق:
أ. سلوكك سيتغير:
"إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديداً" (2كورنثوس17:5). إن تصرفاتك، وعاداتك القديمة، والخطايا التي كنت تفعلها دون حساب، الآن صار ضميرك مستيقظ وتقول "كيف أفعل هذا الشر العظيم وأخطئ إلى الله" (تكوين9:39).
ب. علاقتك بالله ستختلف:
في الأول كنت تتعامل مع الله بخوف منه لكن الآن علاقتك به ستكون علاقة حب، علاقة إبن مع أبيه السماوي، علاقة يومية، لا تحتاج أن يدفعك أحد لذلك، وكل من حولك سوف يرون أنك صرت تحب الرب إلهك من كل قلبك، وتحب قراءة كلمة الله، وتحب الصلاة والذهاب إلى بيت الله، شيئاً تلقائياً يحدث ويشهد للآخرين أن هناك اختبار جديداً قد حدث في حياتك وغيرك.
ج. علاقتك بمن حولك ستختلف:
ستجد أن محبة جديدة قد انسكبت في قلبك بالروح القدس المعطى لك (روميه5:5). ثم تجد نفسك تحب من كنت تبغضهم وتقدر أن تحتمل من كانوا غير لطفاء بالنسبة لك. أيضاً صار أصدقاءك يختلفون، فلا تعود ترتاح مع أصدقائك القدماء، بل تحب الأخوة المؤمنين ولذتك صارت في شركتهم.
هكذا يقول الرسول يوحنا: "من قال أنه في النور وهو يبغض أخاه فهو الآن في الظلمة. من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه عثرة. وأما من يبغض أخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن الظلمة أعمت عينيه" (1يوحنا9:2-11).
وأيضاً نرى هذا البرهان عن الخلاص واضح في هذا العدد "نحن نعلم أننا قد انتقلنا من الموت إلى الحياة لأننا نحب الاخوة. من لا يحب أخاه يبق في الموت" (1يوحنا14:3). "ومن لا يحب لم يعرف الله لأن الله محبة" (1يوحنا8:4). "بهذا يعرف الجميع أنكم تلاميذي أن لكم حب بعضكم لبعض" (يوحنا35:13).