• Fawzi Hanna posted an update منذ 1 سنة، 3 أشهر

    التأمل في الطفل الإله
    من غير اللائق أن يصير الطفل إلهاً!
    إن التجسد هو سر ابن الله الذي صار بشراً، بدءاً بالطفولة. كان من الممكن أن يتحقق التجسد بطريقة مختلفة حيث هناك الكثير من الإمكانيات المتاحة لتنفيذ العمل الإلهي.
    نذكر أنه، في القرن الثاني الميلادي، كان ماركيون يعتقد أن الإله يستحيل أن يتجسد إلا في إنسان ناضج ولذلك لم يقبل إنجيل الطفولة، فقد وجد إنه من غير اللائق أن يصير الإله طفلاً. وفي خطئه هذا لم يستطع فهم تواضع الحب الإلهي!!

    التواضع أعظم معلّم
    هذا هو التواضع الذي ظهر في السر، الذي جعل التجسد كاملا: أن يصير أبن الله طفلا. وفقاً للمخطط الإلهي (الآب)، كان يجب أن يصير الابن إنساناً كاملاً، يحتضن طبيعتنا البشرية بلا تحفظ، وأن يشبهنا في كل شيء ما عدا الخطيئة. اذاً فهو يجب أن يصير طفلا وأن يعرف النمو الإنساني البطيء منذ الطفولة وحتى النضج. ويعود كماله المطلق في إنه عاش كل مراحل النمو الإنساني بالرغم من كونه إلهاً.
    إذاً فهو قَبِلَ أن يولد في هذا العالم كما يولد جميع البشر. وقد تغلغل في بشريتنا متخذاً صورة طفل. فقد أراد أن يعرّف ضعف الطفل، وتبعيته لأمه وضعفه أمام من حوله.
    بالرغم من كونه إلهاً إلا إنه ظهر في صورة طفل بكل معني الكلمة وبدون أي تمييز كان يسمح له بهروب يحط من مرحلة الطفولة. قدم لنا ذاته في فقر المولود الجديد.
    ويظهر المخطط الإلهي منذ الولادة فالملائكة- كما يقول الإنجيل تعطي الرعاة العلامة التي تعرفهم على المخلص، “إليكم هذه العلامة: ستجدون طفلاً مقمطاً، مضجعاً في مذود” (لو 2: 12). فالوصف الأوّل للمخلص الذي يمنحه علامة الوجود هو “المولود الجديد”. بالتالي هو مولود مثل آي مولود آخر: “ملفوف بالأقمطة” فلا تمييز بينه وبين الآخرين إلا بفقره: “هو نائم في مذود”.
    علامة القدرة الالهية في الطفل
    وفي هذا المولود الجديد نجد علامة القدرة الإلهية التي تُخلص العالم. العلامة ليست علامة السيطرة ولكن الحب الوديع. وهو الذي يقول عن نفسه فيما بعد…. “إني وديع ومتواضع القلب”(مت 11/ 29)، ونفهم هذه الوداعة والتواضع – من ولادته البسيطة- اللتين بواسطتيهما سيجذب اليه كل البشرية: بل باكثر من هذا فإن الوداعة والتواضع يظهرا وجه الله الحقيقي.
    فقدرته ليست تلك التي تبحث عن دهس( تحطيم) أعداء البشرية ولا إكراه المتمردين ضده.
    إنّه وجه الحب الذي لم يتردد في أن يتنازل أمام البشر، وأن يرسي بهم على شاطىء الآمان ببساطة الطفل.
    صفات الطفل
    لا يمكن أن يشكّل المولود الجديد أي مصدر تهديد، فهو ضعيف وضئيل، وهو يطلب، بكل بساطة، أن يكون محبوباً… بعكس الصورة المرعبة والقاسية التي كانت تظهر لله غالباً في العهد القديم، فالمولود الجديد نائم في مغارة لا يستطيع أن يثير آي مخاوف، ولا يستطيع سوي أن يستهوي ويجذب الذين يقتربون منه بقلب منفتح وهم يلمسون بشدة حضوره.
    إن طفل الميلاد: يجعلنا نكتشف حب من يريد أن يجذبنا بتواضعه ففي الاحتفال بالعيد نتوجه بنظرنا نحو هذا الطفل لكي نقبل بإيمان كل “سر الله”.